عتبّة -
نحنُ لا نُحبُ الأموات و لا نموتُ من أجلِهم . نحنُ نمُوت لأننا لا نستطيع إعتياد الموت ، نحنُ نُدفن أحياء و هُم ينعمُونَ - إن شاء الله - بإنتظار الجنة .
- 1 -
أضاءَ هذا الليّل مُزيحاً عن كتِفِ النهار حِملَ المثاليّة ، جاءَ صافياً تاركاً كُلَ السُعداء سُعداء . عادَ لأصدقاءٍ لَم
يزَل يُآخي فيهم الأصدق ، عادَ مُمجداً حُلمَ البُكاء ، عادَ مُصفياً للدمِعِ وَ الدم . جائني وحيداً طرّقَ بابي
مُبتسِم ، أطفأ الشمس ، أضاءَ القمر وَ استراح . كانَ يلهث وَ كُنتُ أسأل ، لِمَ يا ليّل ؟ وَ اجابني شقاءٌ يا
أبا أحمد ، إبتسمت مُستهتراً وَ أردفت حتى أنت تشتكي ! إمتعّض ثُمَ نظرَ إليّ وَ أنت مِن مَا تشتكي ؟
خجِلت ثُمَ تمتّمت من الحقيقة يا رفيق ، مِنَ الحقيقة .
- 2 -
رّنَ هاتِفُ الليّل فلم يُجب وَ قال ، هذا الظلامُ لك فأنفُض عنكَ النهار وَ حدِّثني عنك . أرخيّتُ رأسي أكثر وَ
أضأتُ الظلام بشُعلةِ ظلامٍ أخلَص ، أصدق وَ بدأت الحديث . يا صديقي ، الموتُ وَ المرض يحبُونَ مَن اُحِب
وَ يكرهُونَ من أكره ، الموت في آخر زيارة لم يكتفي بالمرُور بجواري بَل وشمَ الكآبة على جبيني ، تخيّل
قلة الأدب ! ، أشارَ بيّديه قائلاً ، على الأقل تركَ لكَ الكتابة !
- 3 -
الأرض يكسُوها الخطأ ، الأرضُ يكسُوها الجشع . هَل كُنتَ تعلم أنَ الأرضَ وَ البحر اختلفوا على ميراثِ
السماء ؟ أجبت ، لا لم أعلم ، شدني غباءه إذ أخذَ يُحدثُني كزائرة ضحى همها الأول الفتنة . الليّل يُخرِج
من حقيبتِه مجمُوعة أوراق ، قرأتُها بعناية . الأولى تقُول ، النجمُ الكادح فُلان يحتاجُ إجازة لتقوييم إبنه
الخارج عن مساره بعُنف . الثانية ، النجمة الجميلة فُلانة تطلُب إجازة امُومّة . عندها علِمت ، أنَ هذا الكون
مُربِك أكثر مِن ما يبدُو عليّه .
- 4 -
أخذَ يُحدثني عن زوجته ، أخبرني بأنها تُحبُ الدفء وَ تُطيلُ مكوثها فيه . أشرتُ إليّه أن اصمُت وَ أشارَ
إليّ أن تقهقر .
على ذِكرِ الليّل ، هُوَ لا يأتي وحيداً . دائماً يأتي بالكثير منَ الهدايا ، ياااه ما أكرمَه !
باب آخر -
في الموت وَ الخطيئة يتساوى الجميع .
على ما يبدُو ، سيُتبع .
أخيراً ، لن تفهم - أو على الأقل دعني أقُول أتمنى ذلك - .